كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



بِاخْتِصَارٍ فَرَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ: غَيْرِ مُتَبَحِّرٍ) أَخْرَجَ حُكْمَ الْمُتَبَحِّرِ بِمَا ذُكِرَ وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَتَبِعُوهُ إلَخْ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ: وَإِذَا حَكَمَ بِاجْتِهَادٍ إلَخْ) تَنْبِيهٌ مَا يَقْضِي بِهِ الْقَاضِي، وَيُفْتِي بِهِ الْمُفْتِي الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ، وَالْإِجْمَاعُ، وَالْقِيَاسُ، وَقَدْ يُقْتَصَرُ عَلَى الْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ، وَيُقَالُ: الْإِجْمَاعُ يَصْدُرُ عَنْ أَحَدِهِمَا، وَالْقِيَاسُ يَرِدُ إلَى أَحَدِهِمَا.
وَلَيْسَ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ إنْ لَمْ يَنْتَشِرْ فِي الصَّحَابَةِ حُجَّةً؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْصُومٍ مِنْ الْخَطَأِ، لَكِنْ يُرَجَّحُ بِهِ أَحَدُ الْقِيَاسَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فَإِذَا كَانَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فَاخْتِلَافُ الصَّحَابَةِ فِي شَيْءٍ كَاخْتِلَافِ سَائِرِ الْمُجْتَهِدِينَ، فَإِنْ انْتَشَرَ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ فِي الصَّحَابَةِ، وَوَافَقُوهُ فَإِجْمَاعٌ حَتَّى فِي حَقِّهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ كَغَيْرِهِ مُخَالَفَةُ الْإِجْمَاعِ، فَإِنْ سَكَتُوا فَحُجَّةٌ إنْ انْقَرَضُوا، وَإِلَّا فَلَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يُخَالِفُوهُ لِأَمْرٍ يَبْدُو لَهُمْ، وَالْحَقُّ مَعَ أَحَدِ الْمُجْتَهِدِينَ فِي الْفُرُوعِ قَالَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ: وَفِي الْأُصُولِ، وَالْآخَرُ مُخْطِئٌ مَأْجُورٌ لِقَصْدِهِ الصَّوَابَ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِاجْتِهَادِ مُقَلَّدِهِ) كَانَ يَنْبَغِي حَذْفُهُ، أَوْ زِيَادَةُ، أَوْ نَصِّ إمَامِهِ بَعْدَ، أَوْ الْآحَادِ.
(قَوْلُهُ: إنَّ مَا حَكَمَ بِهِ) هَذَا التَّقْدِيرُ بِغَيْرِ إعْرَابِ الْمَتْنِ وَقَدَّرَ الْمُغْنِي حُكْمَهُ وَهُوَ أَخْصَرُ وَأَسْلَمُ.
(قَوْلُهُ: بَانَ) الْأَسْبَكُ حَذْفُهُ.
(قَوْلُهُ: أَيْ قَطْعًا) أَيْ: انْتَفَى الدَّلِيلُ عَلَيْهِ انْتِفَاءً قَطْعِيًّا.
(قَوْلُهُ: فَلَا نَظَرَ لِمَا بَنَوْهُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ النَّقْضِ) أَيْ فَلَا يَنْفُذُ هَذَا النَّقْضُ؛ لِعَدَمِ الْقَطْعِ بِانْتِفَاءِ الدَّلِيلِ.
(قَوْلُهُ: عِنْدَهُ) أَيْ: الْغَيْرِ. اهـ. نِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ أَيْ: أَظْهَرَ بُطْلَانَهُ) عِبَارَةُ الْأَسْنَى وَالْمُغْنِي وَفِي تَعْبِيرِهِمْ بِنَقَضَ وَانْتَقَضَ مُسَامَحَةٌ إذْ الْمُرَادُ بَانَ أَنَّ الْحُكْمَ لَمْ يَصِحَّ مِنْ أَصْلِهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وُجُوبًا) إلَى قَوْلِهِ: وَالْمُرَادُ فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُرْفَعْ إلَيْهِ) وَعَلَيْهِ إعْلَامُ الْخَصْمَيْنِ بِانْتِقَاضِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ رَوْضٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: بِنَحْوِ نَقَضْته إلَخْ) وَلَوْ قَالَ: هَذَا بَاطِلٌ، أَوْ لَيْسَ بِصَحِيحٍ فَوَجْهَانِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ نَقْضًا. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ) يَعْنِي مَا يَشْمَلُ الظَّاهِرَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ ظَنًّا) هُوَ مَحَطُّ التَّأْيِيدِ.
(قَوْلُهُ: وَكَانَ هَذَا) أَيْ: قَوْلُ السُّبْكِيّ: وَاَلَّذِي يَتَرَجَّحُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: مَعَ بَيَانِ إلَخْ) أَيْ: مِنْ الشَّارِحِ.
(قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ التَّعَارُضِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ: بِتَبَيُّنِ بُطْلَانِهِ) أَيْ: الْحُكْمِ.
(قَوْلُهُ: لَا يَرُدُّ هَذَا) أَيْ: تَصْرِيحُهُمْ الْمَذْكُورُ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا) أَيْ: نَحْوَ تَبَيُّنِ فِسْقِ شَاهِدِ الْحُكْمِ.
(قَوْلُهُ: بَلْ رَافِعًا) الْأَوْلَى رَفْعُ الرَّافِعِ.
(قَوْلُهُ: وَيُنْقَضُ) إلَى قَوْلِهِ: لِمَا مَرَّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: أَيْ: لِأَنَّهُ إلَى وَحَكَمَ مَنْ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: حُكْمُ مُقَلَّدٍ) أَيْ: وَلِيَ لِلضَّرُورَةِ. اهـ. مُغْنِي وَتَقَدَّمَ فِي الشَّارِحِ وَالنِّهَايَةِ وَلَوْ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَمَتَى وَلَّاهُ الْإِمَامُ يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ مُجْتَهِدٍ صَالِحٍ.
(قَوْلُهُ: حُكْمَ غَيْرِ مُتَبَحِّرٍ) وَسَيَأْتِي حُكْمَ الْمُتَبَحِّرِ فِي قَوْلِهِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَتَبِعُوا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَحُكْمَ مَنْ لَا يَصْلُحُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى وَلَوْ قَضَى بِصِحَّةِ النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ وَبِشَهَادَةٍ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَفَاسِقٍ لَمْ يُنْقَضْ حُكْمُهُ كَمُعْظَمِ الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا.
تَنْبِيهٌ:
هَذَا كُلُّهُ فِي الصَّالِحِ لِلْقَضَاءِ، أَمَّا مَنْ لَمْ يَصْلُحْ لَهُ فَإِنَّ أَحْكَامَهُ تُنْقَضُ، وَإِنْ أَصَابَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا صَدَرَتْ مِمَّنْ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ وَلَّاهُ ذُو شَوْكَةٍ بِحَيْثُ يَنْفُذُ حُكْمُهُ مَعَ الْجَهْلِ، أَوْ نَحْوِهِ أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ مَا أَصَابَ فِيهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي. اهـ.
(قَوْلُهُ: فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ) أَيْ: الْمُجْتَهِدِينَ.
(قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ بِكَلَامِ السُّبْكِيّ.
(قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ:) أَيْ: قَوْلِ مُوَلِّيهِ فِي عَقْدِ التَّوْلِيَةِ.
(قَوْلُهُ: مَنْ تَقَدَّمَهُ) الْأَوْلَى الْخَطَّابُ.
(قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ: ابْنُ الصَّلَاحِ.
(قَوْلُهُ: ذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءِ) وَهُوَ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا.
(قَوْلُهُ: وَمَرَّ آنِفًا) أَيْ: فِي الْفُرُوعِ فِي التَّقْلِيدِ.
(قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ التَّسْجِيلُ إلَخْ) أَيْ: لِيَكُونَ التَّسْجِيلُ الثَّانِي مُبْطِلًا لِلْأَوَّلِ كَمَا كَانَ الْحُكْمُ الثَّانِي نَاقِضًا لِلْحُكْمِ الْأَوَّلِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: إنْ سَجَّلَ بِالْمَنْقُوضِ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ سَجَّلَ بِالْحُكْمِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِسْجَالُ بِالنَّقْضِ، وَإِنْ كَانَ الْإِسْجَالُ بِهِ أَوْلَى. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: حُكْمَ غَيْرِهِ) وَكَذَا حُكْمُ نَفْسِهِ فِي قَاضِي الضَّرُورَةِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ وَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ: سُئِلَ عَنْ مُسْتَنِدِهِ) لَوْ قَالَ: نَقَضْت بِحُجَّةٍ أَوْجَبَتْ النَّقْضَ شَرْعًا وَامْتَنَعَ مِنْ بَيَانِ ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ نَقْضُهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ) أَيْ: مَعَ تَقْيِيدِهِ بِمَا إذَا لَمْ يَنْهَ مُوَلِّيهِ عَنْ السُّؤَالِ.
(قَوْلُهُ: لَا مَا بَانَ) إلَى قَوْلِهِ: وَخَبَرِ أُمِرْت فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ: وَغَيْرُهُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: جَزَمَ إلَى أَنْكَرَهُ.
(قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِهِ) أَيْ: الْفَارِقِ وَهُوَ كَثْرَةُ الِاقْتِيَاتِ فِي الْبُرِّ دُونَ الذُّرَةِ وَلَا يَبْعُدُ تَأْثِيرُهُ فِي الْحُكْمِ أَيْ: بِنَفْيِ الرِّبَوِيَّةِ عَنْ الذُّرَةِ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَنْقُضُهُ إلَخْ) وَلَوْ قَضَى قَاضٍ بِصِحَّةِ نِكَاحِ الْمَفْقُودِ زَوْجُهَا بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ وَمُدَّةِ الْعِدَّةِ أَوْ بِنَفْيِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ، أَوْ بِنَفْيِ بَيْعِ الْعَرَايَا، أَوْ بِمَنْعِ الْقِصَاصِ فِي الْقَتْلِ بِمُثَقَّلٍ، أَوْ بِصِحَّةِ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ، أَوْ نِكَاحِ الشِّغَارِ، أَوْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، أَوْ بِحُرْمَةِ الرَّضَاعِ بَعْدَ حَوْلَيْنِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَقَتْلِ مُسْلِمٍ بِذِمِّيٍّ وَجَرَيَانِ التَّوَارُثِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ، وَالْكَافِرِ نُقِضَ قَضَاؤُهُ كَالْقَضَاءِ بِاسْتِحْسَانٍ فَاسِدٍ وَهُوَ أَنْ يُسْتَحْسَنَ شَيْءٌ لِأَمْرٍ يَهْجِسُ فِي النَّفْسِ، أَوْ لِعَادَةِ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ، أَوْ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ مُتَابَعَتُهُ، أَمَّا إذَا اُسْتُحْسِنَ الشَّيْءُ لِدَلِيلٍ يَقُومُ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابٌ، أَوْ سُنَّةٍ، أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ فَيَجِبُ مُتَابَعَتُهُ وَلَا يُنْقَضُ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ وَنِهَايَةٌ.
(وَالْقَضَاءُ) أَيْ: الْحُكْمُ الَّذِي يَسْتَفِيدُهُ الْقَاضِي بِالْوِلَايَةِ فِيمَا بَاطِنُ الْأَمْرِ فِيهِ، بِخِلَافِ ظَاهِرِهِ تَنْفِيذًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (يَنْفُذُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا) فَالْحُكْمُ بِشَهَادَةِ كَاذِبَيْنِ ظَاهِرُهُمَا الْعَدَالَةُ لَا يُفِيدُ الْحِلَّ بَاطِنًا لِمَالٍ، وَلَا لِبُضْعٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «لَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِي لَهُ بِنَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ فَمَنْ قَضَيْت لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ بِشَيْءٍ فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ» وَخَبَرِ: «أُمِرْت أَنْ أَحْكُمَ بِالظَّاهِرِ وَاَللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ» جَزَمَ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ بِأَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ، وَكَذَا أَنْكَرَهُ الْمِزِّيُّ وَغَيْرُهُ وَلَعَلَّهُ مِنْ حَيْثُ نِسْبَةُ هَذَا اللَّفْظِ بِخُصُوصِهِ إلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَّا مَعْنَاهُ فَهُوَ صَحِيحٌ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي خَبَرِ: «إنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أُنَقِّبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ، وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ» مَعْنَاهُ إنِّي أُمِرْت أَنْ أَحْكُمَ بِالظَّاهِرِ وَاَللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. اهـ.
وَعِبَارَةُ الْأُمِّ عَقِبَ حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ الْمَذْكُورِ فَأَخْبَرَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ إنَّمَا يَقْضِي بِالظَّاهِرِ وَأَنَّ أَمْرَ السَّرَائِرِ إلَى اللَّهِ بَلْ نَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى مَعْنَاهُ وَعِبَارَتُهُ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ أَحْكَامَ الدُّنْيَا عَلَى الظَّاهِرِ وَأَنَّ أَمْرَ السَّرَائِرِ إلَى اللَّهِ انْتَهَتْ.
وَبِهَذَا كُلِّهِ يَتَبَيَّنُ رَدُّ إطْلَاقِ أُولَئِكَ الْحُفَّاظِ أَنَّهُ لَا أَصْلَ لَهُ.
وَيَلْزَمُ الْمَحْكُومَ عَلَيْهَا بِنِكَاحٍ كَاذِبٍ الْهَرَبُ بَلْ، وَالْقَتْلُ إنْ قَدَرَتْ عَلَيْهِ كَالصَّائِلِ عَلَى الْبُضْعِ، وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ يَعْتَقِدُ الْإِبَاحَةَ كَمَا يَجِبُ دَفْعُ الصَّبِيِّ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ، فَإِنْ أُكْرِهَتْ فَلَا إثْمَ.
وَلَا يُخَالِفُ هَذَا قَوْلَهُمْ: الْإِكْرَاهُ لَا يُبِيحُ الزِّنَا لِشُبْهَةِ سَبْقِ الْحُكْمِ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ قَيَّدَ عَدَمَ الْإِثْمِ بِمَا إذَا رُبِطَتْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ لَهَا حَرَكَةٌ، لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ لَوْ كَانَ هَذَا مُرَادًا لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مَا هُنَا، وَالْإِكْرَاهِ عَلَى الزِّنَا؛ لِأَنَّ مَحَلَّ حُرْمَتِهِ حَيْثُ لَمْ تُرْبَطْ كَذَلِكَ، فَإِنْ وُطِئَتْ فَزِنًا عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَوَطْءُ شُبْهَةٍ عِنْدَ غَيْرِهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَجْعَلُهَا مَنْكُوحَةً بِالْحُكْمِ، وَرَجَّحَ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ الْأَوَّلَ قَالَا: وَالشُّبْهَةُ إنَّمَا تُرَاعَى حَيْثُ قَوِيَ مَدْرَكُهَا لَا كَهَذِهِ، أَمَّا مَا بَاطِنُ الْأَمْرِ فِيهِ كَظَاهِرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَحَلِّ اخْتِلَافٍ الْمُجْتَهِدَيْنِ كَالتَّسْلِيطِ عَلَى الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ الَّذِي لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى أَصْلٍ كَاذِبٍ نَفَذَ بَاطِنًا أَيْضًا، وَكَذَا إنْ اُخْتُلِفَ فِيهِ كَشُفْعَةِ الْجِوَارِ فَيَنْفُذُ بَاطِنًا أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمِنْ ثَمَّ حَلَّ لِلشَّافِعِيِّ طَلَبُهَا مِنْ الْحَنَفِيِّ، وَإِنْ لَمْ يُقَلِّدْ أَبَا حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ مِنْ عَقِيدَةِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ النُّفُوذَ بَاطِنًا يَسْتَلْزِمُ الْحِلَّ فَلَمْ يَأْخُذْ مُحَرَّمًا فِي اعْتِقَادِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجُزْ لِلْحَنَفِيِّ مَنْعُهُ مِنْ طَلَبِهَا وَجَازَ لِلشَّافِعِيِّ الشَّهَادَةُ بِهَا، لَكِنْ لَا بِصِيغَةِ أَشْهَدُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهَا؛ لِأَنَّهُ كَذِبٌ كَمَا أَنَّ لَهُ حُضُورَ نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ إنْ قَلَّدَ أَوْ أَرَادَ حِفْظَ الْوَاقِعَةِ، نَعَمْ لَيْسَ لَهُ دَعْوَى، وَلَا شَهَادَةٌ عَلَى مُرْتَدٍّ عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى قَبُولَ تَوْبَتِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ أَمْرَ الدِّمَاءِ أَغْلَظُ.
وَجَازَ أَيْضًا لِحَاكِمٍ شَافِعِيٍّ أُنْهِيَ إلَيْهِ مَا لَا يَرَاهُ مِنْ أَحْكَامِ مُخَالِفِيهِ تَنْفِيذُهَا وَإِلْزَامُ الْعَمَلِ بِهَا فَلَوْ فُسِخَ نِكَاحُ امْرَأَةٍ أَوْ خُولِعَتْ مِرَارًا وَحَكَمَ حَنْبَلِيٌّ بِصِحَّةِ أَحَدِهِمَا، ثُمَّ رَفَعَتْ أَمْرَهَا لِلشَّافِعِيِّ لِيُزَوِّجَهَا فِي الْأُولَى مِنْ آخَرَ وفِي الثَّانِيَةِ مِنْ زَوْجِهَا مِنْ غَيْرِ مُحَلِّلٍ جَازَ ذَلِكَ خِلَافًا لِابْنِ الْعِمَادِ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَرَى نُفُوذَ حُكْمِ الْمُخَالِفِ بَاطِنًا.
وكَحُكْمِ الْمُخَالِفِ فِيمَا ذُكِرَ إثْبَاتُهُ إنْ كَانَ مُعْتَقَدَهُ أَنَّهُ حُكْمٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَتِهِ لَا بِعَقِيدَةِ مَنْ أُنْهِيَ إلَيْهِ حُكْمٌ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِكَوْنِ الْمُخَالِفِ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا يَنْفَدُ ظَاهِرًا فَقَطْ بَلْ الْعِبْرَةُ فِي هَذَا بِاعْتِقَادِ الْمَنْهِيِّ إلَيْهِ كَالشَّافِعِيِّ.
وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ هَذَا هُوَ الْمُبِيحُ لِلْإِقْدَامِ عَلَى الْعَمَلِ بِقَضِيَّةِ حُكْمِ الْمُخَالِفِ فَنُظِرَ لِاعْتِقَادِ الثَّانِي فِي هَذَا بِخُصُوصِهِ دُونَ مَا عَدَاهُ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَكَذَا أَنْكَرَهُ الْمِزِّيُّ) بِكَسْرِ الْمِيمِ ش م ر.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ فُسِخَ نِكَاحُ امْرَأَةٍ إلَخْ) لَعَلَّ هَذَا فِي فَسْخٍ لَا يُسَوِّغُهُ الشَّافِعِيُّ، وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ إلَى الِاسْتِنَادِ لِحُكْمِ الْحَنْبَلِيِّ بِصِحَّتِهِ.
(قَوْلُهُ: فِيمَا بَاطِنُ الْأَمْرِ فِيهِ بِخِلَافِ ظَاهِرِهِ) أَيْ: بِأَنْ تَرَتَّبَ الْحُكْمُ عَلَى أَصْلٍ كَاذِبٍ كَشَهَادَةِ زُورٍ أَسْنَى، وَمَنْهَجٌ.
(قَوْلُهُ: لَعَلَّ بَعْضَكُمْ إلَخْ) أَوَّلُهُ كَمَا فِي الْأَسْنَى «إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ وَلَعَلَّ» إلَخْ.
(قَوْلُهُ: أَلْحَنَ) أَيْ: أَقْدَرَ. اهـ. ع ش.